كلما سمعت عن الختان في أيامنا هاته، تذكرت الختان في ذلك الزمان.
يبدو أن تآمــر الكبــار لم يكتــب له النجـاح، فقد تم اختراقه و كشفت النيــات
المبـيتة و أفشيت الأسرار، فاستجاب الصغار بالفرار.
ثلاثة إخوة يعدون هاربين
من قبضة الأهل إلى فسحة المجهول. لتنتهي المطاردة بإلقاء القبض علي ـ وكنت الأصغرـ داخل
الحي. ثم الأوسط من خارج الحي أما الأكبر فقد تولى أشداء القوم المهمة. قدم
الهاربون من قدرهم إلى الحجام بالتوالي و أيادي الأقارب تشل أطراف الصارخين لتنتهي
العملية بدواء يوقف الدماء و حلوى توقف البكاء.
الحجام
شيخ مسن له محل حجري عتيق ذو كرمة عظيمة أغلب زبائنه من الأطفال و الشيوخ كان نظيف
الملبس أبيض البشرة قصير القامة تتوسط حاجباه شامة بارزة هادئ الطباع بارع في
الحجامة مجرب في الختان.
من عادته قبل عملية الختان أن يطلب ديكا
فيقطع أصبعا من أصابعه فيتركه في باحة البيت يدمي صامتا تماما كصمت الجميع أمام
هذه العادة الغريبة. فلا أحد يسأل ـ جهراـ أو يتسأل ـ سرا ـ عن السر العريق. عادة
ضمن استمرارها إلى يومنا الراهن الجهل الكامن و مصلحة الكاهن.
الدم الدم لا يمر حفل بلا دم: دم العقيقة
دم الختان دم الــعروس دم العتبــة دم القرابين و الأضرحة دم الأضـاحي ....بينما أستـــعاض
المسيحيون بدم المسيح من دم الختـــــان و القرابين فكان الخلاص من ذلك النزيف المقدس.
و من عادة الأم الرؤوم ـ و العملية جارية
ـ أن تركز عيونها على المرآة و دمعها يجري حاملا الكحل و أهازيج النسوة تصم
الآذان، لكن هيهات أن تخفي صراخ الجرحى.
و لما قطعت القلفات و برّزَت الحشفات
و عولجت الجروح، اصطف الجرحى لتلقي الهدايا و التبريكات. لعل الحلوى و النقود تنسي ألم الجروح و التآمر المفضوح.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق